الصيام الروحي !!!

 



💡 من الأفكار الوثنية التي تهدف إلى تأصيل فلسفة الطاقة الكونية هي فكرة الصيام الروحي!، وهذا الصيام هو امتناع عن الغرائز الفطرية وتعريض الجسم لنوع من العذاب البدني والنفسي كما هو عليه الحال عند كهنة المعابد في الفكر الشرقي القديم، والهدف من ذلك الصيام هو الوصول إلى الطاقة الكونية وتحصيل المعرفة الباطنية من خلال التواصل مع العوالم الغيبية من أرواح وجن وشياطين.

يمارس الصيام الروحي من خلال التأمل والصمت، والدخول في حالة سكون مع الفكر، بجانب الامتناع عن الأكل والشرب مما هو من ذوي روح، ويدعي أولئك الصائمون أن نورًا إلاهيا يحيط بهم، ولا يمكن مشاهدة ذلك النور الإلهي إلا الأشخاص الروحيين الذين مارسوا التأمل لمدة، ويشعرون بأنهم قد أحيطوا بنور يحّير الأبصار من شدة الضياء، وأحياناً يشعرون بحالة فقدان الحِّس، أو يشعرون أنّ رؤوسهم بها نور باهر، ومن ثم يتم تمرير الفكرة بدعوى أن هذا الشعور يوجد عند معظم ممارسي اليوغا من المتطورين والقدّيسين والصالحين في جميع الأديان!!!.

ومن أهم التطبيقات المساعدة لذلك الصيام هو تطبيق التأمل كما ذكرنا، والتأمل له صور عدة، من أهمه التأمل على القلبين التوأمين، والقلبين التوأمين هما العقل والقلب، فيمارس الفرد ذلك التأمل من خلال تفعيل شاكرة القلب وشاكرة التاج في وقت واحد من أجل بلوغ مستويات عالية من الوعي الكوني، وهذا التفعيل لا حقيقة له ولا واقع، وتتجلّى في النفس بقوة التخيل، من خلال التوجه إلى الإله، والمرشدين الروحيين، والوعي الإلهي، والاستغاثة بالكائنات الغيبية عبر ترديد صيغ المانترات المقدسة التي تضمن تحقيق الاستعانة بالقوة الغيبية الخفية، حينها يدخل الشخص المتأمل في لحظة نشوة داخلية يشعر من خلالها أن الطاقة الإلهية تهبط نحوه لتملأه بالنور الإلهي!، والقوة والمحبة، ومن ثم يصبح ممراً لهذه القوة الإلهية، فينقل تلك الطاقة إلى المحتاجين والمرضى والبؤساء والمحرومين من السعادة.

بجانب ما سبق؛ فإن فكرة الصيام الروحي تكرِّس لفكرة الإنسان الكوني، فمرور الطاقة الكونية من خلال جسده، ومشاركته في توجيه تلك الطاقة إلى المحرومين منها، تجعل منه إنساناً إلاهياً وكائناً كونياً يدبر ويشفي ويصبح رسول المحبة والسلام!، والفكرة قديمة وجدت في المجتمعات الوثنية القديمة التي كانت خاضعة لسلطة الكاهن والطوطم، فلا سبيل لذلك الكاهن إلى تلقي المعرفة إلا من خلال الصيام الروحي، وكانت تلك الكائنات الروحية ينظر لها بهالة من التقديس والتعظيم، وأصبح هذا التمازج الثنائي بين الكاهن والكائن الروحي أحد مظاهر التدين في المجتمع الوثني القديم حين كان الكهنة الصائمون يملكون أدوات التأثير في الجموع الغفيرة التي سلمت عقولها لهم، وقد شقت الفكرة طريقها إلى العديد من الفلاسفة الذين ظلَّوا يفلسفون القضية، وأصبح أولئك المتفلسفين من الكهنة الخارقين بملكاتهم الميتافيزيقية يشاهدون تلك الأنوار المضيئة وقد هبطت إلى رؤوسهم، وأصبحت علامة فارقة من دلائل النبوة!، وصدق السلطة الكهنوتية! ولكي تتجلّى المقولة الشهيرة (حدثني قلبي عن ربي) في واقع الوهم والخرافة.

وإن تعجب؛ فعجب قول من يدعي أن الصيام الروحي تأديب للذات البشرية، وتهذيب للنفس عن الانحرافات السلوكية، ومن ثم يتم الترويج لذلك الصيام في المجتمعات الإسلامية، وهو في حقيقته صوم لا يتوافق لا معنىً ولا هدفاً مع شعيرة الصيام في الإسلام، ولكي يرتقي ذلك الإنسان إلى عالم التنوير والإشراق، ويتحصل على المعرفة الباطنية من خلال سلوك طريق التصوف قديماً، وطريق الوعي والتنوير حديثاً.


  🖋حسين السيد 

     @HossainAlsyed

           1442/01/10



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

النية محلها العقل!

الرياضات الروحية، خطوة نحو التحرر الروحي!