الرياضات الروحية، خطوة نحو التحرر الروحي!
يقصد بالتحرر الروحي هو تحرر الإنسان من كل شيء يعيق تقدمه ويمنعه من اكتشاف المعرفة الإلهية والاتحاد بالجوهر الكلي من منطلق فلسفي قائم على فكرة وحدة الوجود.
وبحسب فلسفة الطاقة الكونية فإن أهم ما يعيق الإنسان نحو الوصول إلى التحرر الروحي هو الاختلال في عملية الوعي الكوني نتيجة انغماس الفرد بفكره نحو المادة، وطالما أن المادة بكثافتها طاغية على فكر الفرد فلن يكون هنالك وعي كوني أو حتى روحي، وبالتالي فإن الإنسان سيفقد طريقه نحو السمو الروحي، وتحقيق التناغم الكوني الموصل نحو الاتحاد بالجوهر الكلي!!.
والطريق الأمثل لبلوغ حالة التسامى مع الذات والاتحاد مع الجوهر الكلي من وجهة نظر هذه الفلسفة لا تتحقق إلا من خلال ممارسة الرياضات الروحية والتمارين التأملية.
وتعتبر الرياضات الروحية والممارسات التأملية التي تروج لها المذاهب الإلحادية الروحية المعاصرة من المرتكزات المهمة نحو نشر الإلحاد الروحي بناء على إيمانها بالمفاهيم المنبثقة من فلسفة الطاقة الكونية.
والرياضات الروحية التي يُروج لها بكثرة في هذا العصر بما لها من أشكال متعددة تهدف إلى قضيتين أساسيتين أولها توحيد الفكر نحو التحرر الروحي.
وكل الرياضات الروحية ترتكز على الجانب الفكري لدى الإنسان تحرره من قيود المادة التي ارتبط بها نتيجة الوهم إلى التحرر الروحي آخذة في الاعتبار بضرورة توحد كل الأطياف البشرية تحت ديانة عالمية موحدة تحت ستار الإنسانية الكونية.
ولذا لا نجد غرابة في تسرب الممارسات التأملية النابعة من الفلسفات الشرقية ولا سيما الفلسفة الهندوسية ونظرتها نحو الوجود والتي اختزلتها في نظرية "هاثا يوغا"، ونظرية" الطاو" النابعة من الفلسفة الطاوية ونظرتها نحو الوجود والمتضمنة لفكرة الثنائية القطبية "ين يانغ" إلى البيئات المحيطة لها وتأثرها بها.
وفي هذا الجانب نجد "اليوغا" والتي تعتبر اليوم من أهم الرياضات الروحية، كيف تسربت إلى البوذية التبتية "اللامية" وأصبحت من أهم شعائرها الدينية، وكما أنها أيضا تسربت إلى الكنيسة المسيحية وسميت بمسميات تتوافق مع نهج الرهبانية الكنسية، وتأثر بها كثير من المسلمين وروجت للعالم الإسلامي على أنها رياضات بدنية.
والقضية الثانية هي قضية سد الفراغ الروحي لدى ممارسي التأملات الروحية، نتيجة بُعد النفس عن الإيمان بالله وفراغها من هذا الجانب الفطري.
وإذا ما تتبعنا التاريخ نجد أن الإنسان في الفكر الشرقي القديم قد ساهم في إيجاد هذه الرياضات الروحية والممارسات التأملية، وأقرتها الديانات التي صنعها الإنسان قديما! وأصبحت تلك الرياضات شعائر تعبدية يمارسها الفرد لسد الفراغ الروحي الذي يعاني منها.
هذا الفراغ الروحي تسلل إلى المجتمع الغربي الذي أصبح يعاني من الجمود الروحي نتيجة اعتماده على المنهج التجريبي، ووجد فلاسفة الشرق أمثال أوشو، ومهاريشي، وميكاو أوسوي وغيرهم أنهم أمام فرصة سانحة في نشر مذاهبهم الروحية لدى الغرب المتعطش للروحانيات. ولعبت المكتشفات الحديثة والنظريات العلمية والتجارب وغيرها دورا محورياً في تعزيز الإلحاد الروحي، وأصبح من السهولة بمكان تقديم الفلسفة الروحية المعززة بما سموه (مكتشفات علمية) وهي في الواقع بعيدة كل البعد عن الحقيقة والمصداقية، كما كان للخيال العلمي دورًا بارزًا في نشر ثقافة التحرر الروحي، بفضل ما توصلت إليه البشرية من تطور هائل في التقنية وصناعة الأفلام وروعة الإخراج، فسحرت المشاهد وأثرت فيه، ولا أدل على ذلك من استدلالهم بنظرية الاهتزاز والذبذبة على قضية التطور الروحي وقضية الارتقاء الروحي في الحياة البرزخية والخروج من الجسد، والسفر عبر الزمن، وأفلام الخيال العلمي كثيرة في هذا السياق !.
وتُقدَّم القضايا الروحية من تطور وارتقاء وطرح وجذب وغيرها عبر الدورات التدريبية والجلسات العلاجية على أنها مسلمات وثوابت حقيقية، وتصدَّر إلى المجتمعات المسلمة عبر دورات الوعي الكوني والتنمية البشرية.
وتأثر بها فئام من المثقفين وأرباب الفكر والمعرفة، وأوردوا النصوص المقدسة، وحمَّلوها بما لا تحتمل، فلووا أعناقها، في تفسيرات منحرفة، وتأويلات مصطنعة، على غرار أرباب الباطنية القديمة، وجعلوها تتوافق مع تلك التي سموها "ثوابت علمية"، وقدموا تعاليمهم الروحية في إطار التدريب والتطوير، وزعموا أنهم قادرين على معالجة الظواهر الروحية والاضطرابات النفسية، وروجوا للعلاج الوثني في إطار الوصول نحو الإنسانية الكونية ومساهمة منهم في نشر الوعي الكوني، وحتى تواكب تلك المحاولات تطلعات الباطنية الجديدة وتوجهاتها، وهي في الحقيقة بعيدة كل البعد عن الدين وعن المنهج الصحيح للتلقي والتفسير، مع اعتمادهم على العلم الباطني كأهم مصدر مغذي لأفكارهم.
🖋 @HossainAlsyed
تعليقات
إرسال تعليق