اليوغا – الطريق نحو التحرر الروحي والعقلي!
💡 اليوغا
كلمة هندية سنسكريتية تعني حرفيا التوحيد، ومفهوم التوحيد في الفلسفة الهندية يعني
الاتحاد بين الجسم والعقل والروح الكونية، والغاية
من هذا الاتصال هو تحقيق الفناء في الإله، وتحصيل المعرفة الباطنية.
ويعتبر اليوغا
من أهم تطبيقات التأمل الكوني، وينسب له دور كبير في تحقيق الوعي الكوني، ويكاد
يكون التأمل الوسيلة الأنجح والطريقة العملية لتفسير مبادئ الفلسفة الهندية
القديمة، والتي تنص على ضرورة الهروب من الحياة والتحرر والانعتاق من المادة
والاتحاد مع الـ"براهمان".
وبالتالي فإن
الأداة المناسبة لترجمة التعاليم الفلسفية إلى الواقع العملي هو من خلال ممارسة
تمارين اليوغا، ويتم من خلالها استقطاب الطاقة الإلهية المبثوثة في كل ذرة من ذرات
الكون، ولذلك فهي قائمة على ثلاثة محاور رئيسية، وهي الطاقة الجسدية والطاقة
العقلية والطاقة النفسية، وكل محور مرتبط بالآخر، ولا يمكن لليوغي أن يستغني عن أي
محور.
كما أن اليوغا لها
تمارين مختلفة، لكن أهمها الـ"براناياما"، وهو تمرين قائم على الإيقاع
التنفسي يردد خلالها المتدرب على المانترا الأهم في التعاليم الهندية المقدسة وهي
"أوم 🕉️ Om" يرددها شهيقا وزفيرا.
ولفهم حقيقة
اليوغا يمكن أن نتصورها من ناحيتين:
v
الناحية الفكرية: والمقصود أن يحقق المتدرب التحرر الروحي من وهم المادة
والمتمثلة في نكران الذات والفناء بالروح في الإله الذي يسري داخل الوجود.
v
الناحية العملية: وهي تمارين جسدية يقصد منها التحكم في الجسد عموماً
والتحكم في الإيقاع التنفسي خصوصا، وأغلب من يمارس اليوغا من المسلمين يقصد هذه
الناحية ولنا فيها وقفة.
تهدف اليوغا إلى إدراك النفس (أتمان) أولًا؛ ومن ثم يأتي
دور العقل لإدراك الإله (براهمان)، وهذا الإدراك يمكن فهمه عبر الـ"موكشا"
وهي رغبة اليوغي من التحرر من المعاناة والألم والهرب من دوامة التناسخ وتكرار
المولد.
ومتعة الممارسة العملية لليوغا تتجلى من خلال قطع التفكير والدخول في حالة
التوحد مع الروح الكونية والتنعم بمخاطبة الآلهة، فهي رياضة روحية وبدنية، يراد
منها ابتداء الفناء، والاتصال بالإله!
ولليوغا طرق
كثيرة؛ إلا أن أهمها هو طريق "جنانا يوغا"، وهو مذهب يتسع لمعتقدات
الجميع، ويأبى أن يتقيد بقيود أي منها، ومعتنق هذا التفكير لا ينتمي إلى دين أو
مذهب؛ لأنه يرى أتباع كل الديانات المختلفة إخوة له مهما اختلفوا.
ويفضل لمن يمارس
اليوغا أن يستقبل الشمس عند شروقها وعند غروبها، يستقبلها بجسمه، وفي هذا السياق؛
فإن تعاليم اليوغا تقرر بأهمية تعرية الجسد لتنعكس الـ"برانا" (الطاقة
الكونية) على الجسد، كما أن على اليوغي أن يركز انتباهه ونظره على قرص الشمس،
ويتعلق بها بجوارحه وفكره ولبه، ويردد الـ"مانترات" الخاصة بها، وهي
مجموعة من الصيغ والتعويذات المقدسة.
·
"رافا ناماه" ويعني: أحنيت لك رأسي يا من يحمده الجميع!
·
"سوريا ناماه" ويعني: أحنيت رأسي لك يا هادي الجميع!
·
"بهانافي ناماه" ويعني: أحنيت رأسي لك يا واهب الجمال!
·
"سافيتر ناماه" ويعني: أحنيت رأسي لك يا واهب الحياة!
وبعد هذا السرد
عن اليوغا قد يقول قائل ما المشكلة من ممارسة اليوغا دون التعرض لمسألة الالهيات، وقد
يسلم المسلم من الناحية الفكرية، لكنه قد
يطبقها من الناحية العملية، وهذا هو مدخل كثير من الناس في ممارستهم لليوغا.
ونحن نقول لهم
"الحكم على الشيء فرع عن تصوره"، وقد اتضح لنا الغاية من ممارسة اليوغا
وهي الاتحاد مع الروح الكونية وتحصيل المعرفة الباطنية.
كما أن اليوغا
مفض إلى الإيمان بوحدة الوجود، وهي صلاة القوم وعبادتهم، والمتعة الروحية التي
يريدون أن يحققوها من خلال التنعم بمخاطبة الآلهة.
وحري بالمسلم أن
يلتفت إلى صلاته وعبادته ويخشع فيها، وهو غني كل الغنى عن ممارسة تلك الطقوس،
وخاصة إذا ما صاحبها ترداد للـ"مانترات" التي لا يفهم معناها، وقد
بينَّا أنها صيغ وتعويذات مقدسة مبنية على السحر واستدعاء الشياطين.
كما أن اليوغا
تعتمد على طاقة الجسد والعقل والنفس.
أما الجسد فهو
عبارة عن مركز لتخزين الطاقة عبر قنوات الشاكرات السبعة.
والعقل وسيلة
الاتحاد مع الروح الكونية، ولا يمكن تحقيق ذلك الاتحاد إلا من خلال قوة التخيل
وممارسة التأمل في الوجود.
والنفس وهي الكون الأصغر أمام الكون الأكبر ورغبة اليوغي في التحرر من الألم
والمعاناة قد تحقق له خلودا روحيا على حسب ظنه.
لكن تتجلى معنى
الخلود الحقيقي حين ينادى علينا (أدخلوها بسلام ءامنين)، فنخلَّد في الفردوس الأعلى بأجسادنا وأرواحنا.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وهدانا إلى الحق والصواب
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب
العالمين.
أزال المؤلف هذا التعليق.
ردحذفأجدت وأفدت يا صديقي الشيخ الدكتور حسين.
ردحذفبارك الله فيكم
ردحذف